مراحل تغيير المنكر

Admin المساهمات : 8 تاريخ التسجيل : 26/08/2012

مراحل تغيير المنكر

روى مسلم من حديث أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فان لم يستطع فبلسانه، ومن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الايمان). وقال عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) والحديث رواه مسلم أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال (ما من نبي بعثه الله من قبلي، الا وكان له من أمته حواريون، وأصحاب، يأخدون بسنته، ويقتدون بأمره، ثم انه تخلف من بعدهم خلوف يقولون مالا يفعلون، ويفعلون مالا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الايمان حبة خردل).

فمراحل تغيير المنكر ثلاث باليد، ثم بعد ذلك باللسان، ثم بعد ذلك بالقلب، لكن هناك ضوابط وشروط لتغيير المنكر على المسلم اتباعها حتى يحصل من المعروف مايحبه الله ورسوله، لأنه اذا كان انكار المنكر يترتب عليه ما هو أكبر من المنكر قائم فهو دعوة الى منكر وسعي في معصية الله ورسوله، لذلك على كل من يدعوا الى الله ان يعلم هذه الشروط.

أولا تغيير المنكر باليد

وهذا من اختصاص ولي الامر، كالحاكم على رعيته، فللحاكم وحده الحق في اقامة الحدود، وتغيير المنكر في البلاد باليد، ولا يجوز لأحد غيره فعل ذلك، والا صارت الفوضى في بلاد المسلمين.
وكالأب مع أولاده، أو كالزوج مع زوجته.
لكن لتغيير المنكر باليد شرط واحد، وهو أن لا يترتب على ذلك منكر أكبر، بمعنى أن لا يغير المنكر بمنكر أكبر منه، قال شيخي شيخ الاسلام ابن القيم ان النبي(صلى الله عليه وسلم) شرع لأمته ايجاب انكار المنكر ليحصل من المعروف مايحبه الله ورسوله، فان كان انكار المنكر يستلزم ماهو أنكر من المنكر، فهو أمر بمنكر وسعي في معصية الله ورسوله، ولقد كان النبي(صلى الله عليه وسلم) يرى بمكة أكبر المنكرات ولا يستطيع تغييرها، بل لما فتح الله عليه مكة وصارت مكة دار اسلام، وعزم على هدم البيت الحرام ورده على قواعد ابراهيم لم يفعل ذلك، مع قدرته على فعل ذلك، لأن قريشا كانت حديثة عهد بكفر، قريبة عهد باسلام.

ثانيا تغيير المنكر باللسان

ويكون بالتذكير بالله، وترك النتائج على الله، لقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) (بلغوا عني ولو آية) رواه البخاري من حديث عبد الله بن عمر (رضي الله عنهما) قال أهل العلم بلغوا تكليف، عني تشريف، ولو آية تخفيف. ويكون ذلك بالحكمة البالغة والموعضة الحسنة، وبالمودة و الرحمة، فالداعي الى الله عليه أن ينتقي العبارات، وأن تكون دعوته كلها رحمة ومودة حتى يحب الناس ربهم، و حتى يرجعوا الى دينهم، فقد قال ربنا لنبينا (صلى الله عليه وسلم) وهو الذي بعث رحمة للعالمين (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك)، وقال الله لموسى وهارون (اذهبا الى فرعون انه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى) رغم أن فرعون قال أنا ربكم الأعلى، وما علمت لكم من اله غيري، ورغم ذلك قال لنبيه أن يقول قولا لينا، لذلك علينا أن نفرق بين مقام الدعوة ومقام الجهاد، فمقام الجهاد يحتاج الى شدة وقوة، لكن مقام الدعوة الى الله كله رفق، وحلم، وصبر على الأخرين، حتى يقضي الله أمره وينصر دينه.
الأمر الثاني أن يكون الداعي الى الله عالما بما يدعوا اليه، قال شيخي شيخ الاسلام ابن القيم ولا يكون الرجل من أتباع النبي(صلى الله عليه وسلم) حقا حتى يدعوا الى مادعى اليه النبي(صلى الله عليه وسلم) على بصيرة، قال سبحانه (قل هذه سبيلي أدعوا الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني).

ثالثا تغيير المنكر بالقلب

فان لم يستطع الانسان باليد ولم يستطع باللسان فلا عذر له أمام الله ان لم ينكر بقلبه، ولتغيير المنكر بالقلب شرطان، الأول أن يرى الله من قلبك بغضك لهذا المنكر، والثاني أن تزول عن مكان المنكر ان عجزت عن ازالته هذا ان كنت قادرا على ترك المكان لقوله تعالى (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره). فان لم يستطع الانسان تغيير مكان المنكر مثلا ذاهب في السيارة أو الحافلة ومثلا صاحب الحافلة يستمع للموسيقى فهنا يشتغل الانسان بما ينفعه كالذكر، أو قراءة القرآن، أو الصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم)، أو غيرها من أعمال الخير.

وفقني الله واياكم الى مرضاته، أسأل الله أن يجعل ماقلته زاد الى يوم القدوم عليه، انه بكل جميل كفيل، وهوحسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

يونس بن عبد الله المحمدي